× Bloggers About Us EL Manifesto Accreditation System Terms and conditions Privacy Policy
logo

Iblog is a collective blog and the first inclusive platform in Tunisia.

!قانون من أين لك هذا ؟ رينا هذا .. وما ريناش من أين

!قانون من أين لك هذا ؟ رينا هذا .. وما ريناش من أين 

           اتخذ المشرع التونسي منذ 2011 توجهاً يترجم الرغبة في بناء منظومة متكاملة للقضاء على الفساد والوقاية منه عبر بناء ترسانة تشريعية متعلقة بمجال مكافحة الفساد برزت بإصدار جملة من النصوص القانونية كان أهمها القانون عدد 46 لسنة 2018 المؤرخ في 1 أوت 2018 يتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح

هذا القانون الذي جاء تطبيقاً لمقتضيات الدستور الذي دسّتر واجب التصريح بالمكاسب والمصالح، قد مثّل نقلة نوعية في المنظومة التونسية في مجال مكافحة الفساد كونه تعلق بثلاث مواضيع محورية تتمثل في تطوير نظام التصريح بالمكاسب المتهالك هذا من ناحية، وتجريم الإثراء غير المشروع واستغلال وضعيات تضارب المصالح من ناحية أخرى، وتعد آلية التصريح بالمكاسب والمصالح الوسيلة الأساسية لمجابهة أخطر جرائم الفساد المتمثلة بالإثراء غير المشروع واستغلال وضعيات تضارب المصالح لما لها تأثير على المال العام وسير دواليب الدولة، وصحيح أنّ القانون عدد 46 لسنة 2018  تضمن عدة مزايا يمكن الوقوف على أهمها وهي توسيع دائرة الخاضعين لواجب التصريح، وجعل التصريح يشمل مكاسب و مصالح الأشخاص المعنين بالتصريح إلى جانب محاولة إرساء نظام عقابي خاص بمجال التصريح بالمكاسب والمصالح والاعتداد بالتصاريح الإلكترونية عبر منصة إلكترونية محدثة للغرض، ولم يكتفي المشرع بذلك، بل دعّم نظام التصريح عبر هذا القانون على المستوى المؤسساتي بجعل اختصاص تلقي التصاريح والرقابة عليها اختصاصان يمكن القول بأنّهما حصريان لصالح هيئة دستورية مستقلة وعمل على تكريس أكبر لمبدأ الشفافية في هذا المجال عبر التنصيص على نشر تصاريح فئة محددة على وجه الحصر من الأشخاص المعنية بواجب التصريح، لكن ما جاء به القانون لا يزال في مربع النقص ولن يحقق النجاعة المرجوة من نظام التصريح بالمكاسب والمصالح المتمثلة أساساً في حماية المال العام ومنع استغلال المناصب و الحفاظ على نزاهة أصحاب النفوذ في الدولة.

تعد الصياغة التشريعية الدقيقة والمتماسكة محدداً أساسياً تقوم عليه نجاعة القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد، فلا يكتفي الأمر بوضع نصوص قانونية وتكوين التراسانات، بل يحتاج الأمر بكل تأكيد إلى وضع نصوص قانونية ذات تأثير والتعريف بشكل واضح والدقيق للنظم المعتمدة في مواجهة آفة الفساد وضبط عناصرها بشكل متماسك، وهو مالم يوفّق به المشرّع بالقانون عدد 46 لسنة 2018 المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح، مما جعل هذا القانون مشيب بعدة عيوب ظهرت بشكل واضح من عديد الأحداث التي وقعت خلال وقت قريب ولا تزال تحدث و بيّنت محدودية نجاعة نظام التصريح في تونس والتي سوف تبقى مالم يتم مراجعة أحكام القانون، ويمكن تناول البعض منها:

فمن ناحية تضمّن القانون في فصّليه (11و4)على مصطلحات فضفاضة كان لا بد من تحديد المقصود منها بشكل واضح خاصة وأنّها مرتبطة بمجال حساس يقابله نظام عقابي، ومنها: "زيادة هامة" و "ذوي الصلة" في تعريفه لجريمة الإثراء غير المشروع، أيضاً مصطلح " التغيير الجوهري" حيث لم يقم القانون بتوضيح المقصود به ومنح الهيئة المعنية بمكافحة الفساد سلطة واسعة لتحديده، ومن ناحية أخرى وعلى المستوى الإجرائي، تضمّن القانون على إجراءات من باب التزيد ولم يحدد الفائدة منها فضلاً عن إمكانية تشتيتها لمجهودات مسك التصاريح والرقابة عليها، مثل ماجاء به الفصل 9 الذي حمل على فئة معينة بتقديم نسخ من تصاريحهم إلى رؤسائهم المباشرين. أيضاً لم يتضمن القانون على أحكام تتعلق بحالة الاستحالة المادية للتصريح في ظل الحالات الاستثنائية ولم يضع أحكام تحدد كيفية تطبيقه في ظل هذه الوضعيات وهو ما من شأنه أنّ يعطّل سير دواليب الدولة إذا ما علمنا أنّ واجب التصريح هو شرط للمباشرة بالنسبة لفئة من المصرحين وهم كبار المسؤولين في الدولة، وهو ما لمسناه مؤخراً مع تسمية حكومة نجلة بودن التي وُلدت في حالة استثنائية أُغلقت خلالها مقرات الهيئة المتلقية للتصاريح، الأمر الذي دفع منظمة "أنا يقظ" بنشر بيان للعموم دعت من خلاله إعادة فتح مقرات الهيئة و دعوة رئيسة الحكومة وأعضائها للتصريح بمكاسبهم.

هناك نقيصة شابت منظومة التصريح على مستوى الإجراءات تتعلق تحديداً بنموذج التصريح المنظم بمقتضى أمر حكومي، حيث أنّه لم يتضمن على خانة تجبر المعني بالتصريح بالإفصاح عمّا إذا كانت الشركات المساهم فيها تتعامل مع الدولة أم لا، وبالتالي الكثير من وضعيات تضارب المصالح التي يمكن أن يتواجد بها المسؤولين بقصد أو بدون قصد وانتهاز الفرصة لاستغلالها.

وعلى مستوى الآجال، فقد غفل المشرّع ويمكن القول بأنه أخطأ في عدم تحديده لأجل تلتزم به الهيئة بالرقابة على التصاريح المودعة لديها كما هو الحال مثلاً في فرنسا التي ألزمت هيئتها بأجل 3 شهور للرقابة على التصاريح، نفس الشيء لم يقم المشرّع بتحديد أجل تلتزم بمقتضاه الهيئة بنشر مضمون التصاريح. وبالتالي مع غياب هذه الآجال لن يكون هناك أثر لهذه التجديدات التي جاء بها القانون في ظل تمتّع الهيئة المعنية بمكافحة الفساد في تونس بسلطة تقديرية واسعة في الرقابة والنشر خاصة في ظل غياب أي وسيلة رقابية على أعمالها.

وأخيراً و على مستوى العقوبات، يبرز نقص قانون التصريح في هذا الصدد مثلاً بعدم تحديد المشرّع لعقوبة تسلّط في حال عدم إلتزام المعنين بواجب التصريح بتقديم التصريح بمناسبة حصول تغيير جوهري على مكاسبهم ومصالحهم من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم تحديد جزاء في حال عدم الالتزام بالتصريح ممن يعد لهم واجب التصريح شرطاً لممارسة مهامهم كأن ينصّ على اعتبار المعني في هذه الحالة مستقيلاً من مهامه.

 

 

 

 

 

  

 

Press ESC to close