.ظهر مصطلح العدالة الانتقالية في تونس بعد ثورة 14 جانفي 2011 أي بعد سقوط نظام ديكتاتوري تربع على عرش الرئاسة لمدة تتجاوز العشرين عاما. وقد نشأ بالتزامن مع محاولة إرساء عدالة اجتماعية وترسيخ ديمقراطية
تهدف العدالة الانتقالية بشكل عام الى معالجة انتهاكات حقوق الانسان ومحاولة جبر الضرر ورد الاعتبار لضحايا التعذيب. قد تختلف العدالة الانتقالية من بلد الى اخر وذلك حسب السياق. في تونس تم إحداث هيئة الحقيقة والكرامة سنة 2014 برئاسة سهام بن سدرين من قبل المجلس الوطني التأسيسي. كان هدفها كشف الحقيقة عن مختلف الانتهاكات التي حصلت في الفترة بين1955 و2013 في 2015. بدأت الهيئة بالاستماع للضحايا في جلسات استماع علنية وصلت الى اثنا عشر جلسة. و في 2016 ، أغلقت الهيئة باب قبول ملفات الضحايا الذي .بلغ عددها65.000 ملف من مواطنين عاديين ، شخصيات سياسية نقابية ، أحزاب و منظمات وطنية من مختلف الانتماءات الأيديولوجية
.و لكن خلال فترتها النيابية عاشت الهيئة صراعات داخلية و خارجية جعلت مسار العدالة الانتقالية يبدو متذبذبا غير واضح رغم ما قامت به من مجهود
فأول ما أعاق عملها هو منعها من تسلم أرشيف رئاسة الجمهورية ثم تلتها صراعات داخل الهيئة بين سهام بن سدرين و أعضائها ، يرجح البعض أنها بسبب التسيير المالي الخاطئ لرئيستها و يقول البعض الاخر انها صراعات سياسية محضة
.و كان إنشاء هذه الهيئة في البداية أملا للضحايا و عائلاتهم لنيل حقوقهم و محاولة تضميد جراحهم الا أن هذه المطبات الذين هم بمنأى عنها جعلتهم يعانون الأمرين
.صحيح لا يمكن نسيان أنه تم سماع شهاداتهم في لحظات موثقة تاريخيا و لكن طول الاجراءات لإنصافهم خيبت أمالهم و جعلتهم يحسون أن ما حلموا به في البداية صار سرابا
و رغم كل هذا المسار المتعثر للعدالة الانتقالية نجحت الهيئة نسبيا في يكشف طبيعة العديد من الانتهاكات الماضية من اغتصاب ، تعذيب ، قتل ، اختطاف و فساد و كشف لمواقع سرية كانت تمارس فيها جميع أنواع الجرائم البشعة ألا وهي "صباط الظلام" ، "سجن 9 أفريل" ، "قصر الأميرات بمنوبة" و غيرها من الأماكن الأخرى. حاليا العديد من القضايا مازالت لم تنتهي و لا يزال المتهمين فيها يحاكمون و هم في حالة سرا.
و هو ما يطرح استفهاما هل يتم العمل على هذه القضايا وفقا لمحاكمة عادلة أم لا؟