:مقبرة سيدي عمر بمعتمدية منوبة
دفن مع وقف التنفيذ
أن تموت في بلدية منوبة يعني أن تجلس على دكة الاحتياط وتنتظر دورك في النزول إلى قبر قد تجده حينا ولا تجده أحيانا في مقبرة استحال فيه الدفن لضيق المساحة ونفاد الأماكن المخصصة للدفن، فرفضت الأموات بعد أن رفضهم الواقع أحياء
الموت حدث جلل ولا يمكن لانسان أن يتقبل الفرد المماطلة فيه ، ليواجه بجواب أوحد تستعمله بلدية منوبة استعمالا بات صالح لكل زمان "مقبرة سيدي عمر لا تستقبل أمواتا جدد" ، "إما أن تفتح قبرا قديما مر على تاريخه 7 سنوات أو أن تعود بخفي حُنين تجر أذيال خيبة أخرى بعد خيبة الموت، تبحث عن مكان شاغر للدفن، معضلة تنضاف إلى معاناة المواطنين الذي ملوا هذه الوضعية التي طال أمدها ولم تعرف لها السلطات المحلية حلا.
"وصل بنا الأمر للحد الذي لم نعد نعرف فيه مصيرنا بعد الموت، بلد لا تُرحم فيه الأموات فكيف سيحترم الأحياء؟ لا أستطيع التفكير في لحظة مفارقة الحياة ولا أستطيع استعاب فكرة أن جثتي ستُهَجر إلى مكان بعيد عن عائلتي وأولادي، أحمل السلطات بلدية منوبة المسؤولية الكاملة في ما وصلنا إليه اليوم بمقبرة سيدي عمر من عدم توفر أماكن للدفن، إذ لا أظن أن الإنسان يستحق هكذا نهاية"
تصريح مؤثر لنصر دين التواتي مواطن ستينيّ يقطن بمعتمدية منوبة يختصر ما يعانيه المواطن لعدم توفر أماكن في مقبرة المنطقة ليضطروا في كل مرة يفارقهم فيها أحد للبحث و اللف والدوران علهم يظفرون بقبر لتوارى فيه جثة الميت ويكّرم بعد أن شبع موتا.
فاطمة العرفاوي ذات ال 57 سنة،هي الأخرى عبرت عن امتعاضها مما يحدث في علاقة بمقبرة سيدي عمر "نحن لسنا سواسية باعتبارنا بشرا هناك بشر من الدرجة الأولى، ينتمون إلى سلالة "فوق الرتبة" هؤولاء ينتظرون خارج صفوف الإنتظار يجدون من يفتح لهم الأبواب، هؤولاء لا تطبق عليهم معايير نفاذ الأماكن في المقبرة ولا مقاييس الترتيب حسب الأولويات، وهناك بشر من درجة ثانية وهم نحن من لا نجد مكان للدفن عندما يغادرنا أحد نتكبد مشقة البحث عن قبر قصيّ في ظل مماطلة البلدية التي أكدت في العديد من الفرص أنها تعمل بصفة حثيثة على هذا الملف باعتباره ملفا حارقا لا يقبل الأخذ والعطاء ولكن لا أحد يسمع صرخات من فقدوا أقرباهم و دفنوا بعيدا عن مسقط رأسهم.
حالة من الإحباط تخييم على المواطنين في معتمدية منوبة أين لم تجد لهم السلطات المحلية حلا في أبسط حقوقهم "احترام الموت والموتى" ، ينتظرون في الصفوف أمام الأبواب المغلقة والأذان الموصدة، موتهم كحياتهم بلا قيمة تذكر.
للتوضيح وفك الغموض المحيط بمعضلة المقبرة توجهنا إلى بلدية منوبة واستفسرنا عن الموضوع:
في جولتنا اعترضنا رجل مسن (عم حمادي)تخطى حدود الثمنين يبدو عليه الإرهاق في صوته حزن، يتحرك بصعوبة نفسه مضطرب قال بكل مرارة الدنيا: منذ مرضت وأنا أذرف الدموع يوميا أفكر في اليوم الذي سأغادر فيها هذه الحياة التي لفظتني نحو موت مجهول وربما قبر مجهول في مكان لا يعرف غير حفار القبور.
مجهول يحيط بمصير المواطنين الأحياء منهم والأموات في بلد يسلب حياتك ولا يحترم موتك.
من المجهول إلى المجهول رحلة بدايتها في نهايتها ونهايتها في بدايتها يتكبد فيها المواطن الأمرين.