× Bloggers About Us EL Manifesto Accreditation System Terms and conditions Privacy Policy
logo

Iblog is a collective blog and the first inclusive platform in Tunisia.

في 9 أفريل: " قولوا حكومة خرقاء " وكلّنا للوطن فداء

تحيي تونس اليوم الذكرى الخامسة والثمانين لأحداث 9 أفريل 1938 والّتي اصطلح عليها بـ "عيد الشهداء". 

أحداث سقط خلالها برصاص المحتلّ الفرنسي150 جريحا و22 شهيدا..


لن نتقشّف في الكلمات وسنذكر أسماءهم فهم لم يبخلوا علينا بدمائهم

محمد العاشوري، سعيد بن عبد الله، حميدة الهمامي، الطاهر الماجري، محمد موسى، محمد مرس، نصر الغمراسني، محمد بن خليفة، محمد الازرق، 

محمد كريد، سعيد بن مسعود، بلقاسم شواط،علي النوري، عبد الله بوخريص، علي الجريدي، عبد العزيز الصيّاح، محمد الحداد، حمادي الكافي، 

البشير الضاوي، محمد حسين، أحمد العياشي، أحمد الجليدي 

 

المفارقة أنّ رغم الجراح والدماء المسفوكة ورغم الأرواح البشرية الّتي خسرتها الحركة الوطنيّة اصطلح على "أحداث" 9 أفريل بـ "عيد الشهداء". 

 

ما نستشفّه من هذه المفارقة هو أنّه رغم مأساويّة أحداث 9 أفريل 1938 إلّا أنّها تمثّل خطوة مهمّة في المسير نحو استقلال تونس وحجر 

أساس في تاريخ الحركة الوطنية يرتقي إلى مرتبة "العيد". 

 

يقول محمدود درويش: "ورأيت الشهداء واقفين، كلٌ على نجمته، سعداء بما قدّموا للموتى الأحياء من أمل."، ولعلّنا نحتفل بالأمل.. 

 

يوم 8 أفريل 1938 انتظمت احتجاجات شعبيّة خرج فيها الشعب التونسي من كلّ الفئات الاجتماعية  مناديا بالحريّة والتحمت الهتافات صادحة 

بمطلب رئيسي "برلمان تونسي".

 

هذا التّاريخ مهمّ أيضا في تاريخ الحركة النسوية في تونس إذ سجّل أوّل خروج للمرأة التونسية للتظاهر

توّجت الاحتجاجات يومها بخطاب ألقاه علي البلهوان بساحة الإقامة العامة بتونس العاصمة ومن بين ما جاء في الخطاب بالله قولوا حكومة خرقاء

 سياستها خرقاء وقوانينها خرقاء يجب أن تحطّم وأن تداس.. والحكومة قد منعت التظاهر وها نحن نتظاهر ونملأ الشوارع بجماهيربشريّة نساء

 ورجالا وأطفالا تملأ الجوّ هتافا وحماسا"، فما كان مصيره إلّا الاعتقال يوم 9 أفريل 1938 ودعوته للمثول لدى حاكم التحقيق وهو ما أثار حفيظة 

التونسيين الّذي خرجوا للتظاهر فجوبهوا بحصار وتمّ قمعهم واعتقال ما بين 2000 و3000 متظاهر وحوكموا عسكريّا وسقط 22 شهيدا 

وأصيب 150 بجروح

 

هذه الأحداث القمعيّة تذكّرنا برواية الماضي القريب والحاضر ويا لها من ذكرى!

 

نجحت أحداث 9 أفريل 2012 في سرقة جزء من أضواء أحداث 9 أفريل 1938 وحوّلت الفرصة السنويّة للاحتفال والفخر بالحركة الوطنية

 المقاومة إلى فرصة إضافية نتذكّر خلالها الحملات القمعية والاعتقالات العشوائيّة والبطش البوليسي

 

في التّاسع من أفريل 2012، خرج التونسيون والتونسيات للتظاهر سلميّا وللاحتفال بعيد الثورة في شارع الثورة متحدّين بذلك قرار منع التظاهر

 بشارع الحبيب بورقيبة الّذي اتّخذه بصفة عشوائية وزير الداخلية آنذاك علي العريّض في محاولة منه لقمع حريّة التعبير وحرية التظاهر والتجمّع

 

منع التظاهر يذكّرنا بالمنع الّذي فرضته الحكومة سنة 1938، وتحدّي المتظاهرين يذكّرنا بتحدّي التونسيين في الثامن والتاسع من أفريل 1938.. 

 

كانت الشعارات الّتي صدحت بها الحناجر في الأنهج المؤدّية لشارع الحبيب بورقيبة يومها منادية بمحاسبة المسؤولين على اقتناص شهداء الثورة 

وضرورة استكمال المسار الثوري.. لكن مع الاقتراب من شارع الثورة تحوّلت شعارات "أوفياء أوفياء لدماء الشهداء"، "يا شهيد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح"، 

"شغل، حرية، كرامة وطنية إلى "يا حكومة حلّ اللعب، الشوراع ملك الشعب"، "يا بوليس يا حقير يا عدو الجماهير"،

 "الشعب فد فد من الطرابلسية الجدد".. 

 

كانت في انتظارالمتظاهرين السلميين والصحفيين قوات البوليس المرفوقة بميليشيات حزب النهضة وروابط حماية الثورة .. 

كانت الماتراك (عصا البوليسوعلب الغاز المسيل للدموع تتهاوى على المتظاهرين من كلّ صوب وحدب.. 

 

يومها، طال الغاز المسيل للدموع أسطح العمارات ليثني المتساكنين الّذين كانوا يوثّقون الاعتداءات.. أمّا العنف البوليسي فلم يخش الصحفيين

 الّذين أخذوا نصيبهم من العنف في إطار "المساواة في التعنيف". 

 

مازلت أذكر كيف احتمى المتظاهرون بحوانيت بعض الباعة، بمداخل عمارات العاصمة البالية، بالمركب التجاري الحديث المطل على نهج القاهرة.. 

مازلت أذكر رأسا ملطخة بالدماء نالت جزاء عنادها وممارستها لحقّها الطبيعي في التظاهر والاحتفال.. 

 

يومها أجهضت المظاهرة وتحوّل الاحتفال بعيد الشهداء إلى أحداث 9 أفريل 2012..  

يومها أدركت أنّ السلطة تخشى حتّى الاحتفال بالأعياد وتستكثر علينا الفرح..  

 

أحداث 9 أفريل 2012 بدورها صارت مسبارا لدرجة العنف البوليسي ومقياسا مرجعيا له.. كأن نقول "البارح العنف البوليسي كأنّو 9 أفريل 2012"

 أو"اليوم المظاهرة قمعوها بصورة أبشع من 9 أفريل 2012".   

 

صرنا اليوم نرى في العنف البوليسي والاعتقالات العشوائية، والاعتداءات على الصحفيين والناشطين والنقابيين والمواطنين العزّل، والمحاكمات العسكريّة،

والميليشيات الّتي تسند قرارات الحكومات الفاشلة، الإفلات من العقاب وطمس الحقيقة، نرى فيها كلّها التاسع من أفريل.. قد تختلف تفاصيل

 الأحداث القمعية وتواريخها لكن كلّها صارت شبيهة في المخيال الجمعي بأحداث 9 أفريل 1938 أو ..2012..  

وهنا أصدق مريد البرغوثي القول فهو الّذي لم تخنه العبارة حين قال "يتثاءب التاريخ في هذه البلاد وكأنّه ملّ الحكاية كلّها." 

 

هكذا نجحت يومها الحكومة في تحويل يوم 9 أفريل، إلى يوم وطنيّ أشمل.هكذا صار يوم 9 أفريل ذا معنى لكلّ الأجيال..

 كلّ يجد فيه معنى وألما.. أمّا الاحتفال فلم يحن موعده فالفرح يأتي على مهل.. 

 

وفي انتظار الاحتفال والفرح أقول كما قال البلهوان "حكومة خرقاء سياستها خرقاء وقوانينها خرقاء يجب أن تحطّم وأن تداس

 

 

 

مصدر الصّورة: https://ar.webmanagercenter.com/2013/04/08/15722/%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D8%A3%D8%AD%D8%AF%D8%A7%D8%AB-9-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%84-2012-%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D9%84%D9%86-%D8%AA%D9%85%D8%AD%D9%89-%D9%88%D8%A3%D8%AD%D8%AF%D8%A7%D8%AB-%D9%84/

Press ESC to close